من الأساطير العلمية : شرب 8 أكواب من الماء يومياً



دائما ما يتم نصحنا بشرب ثمانِ أكواب من الماء يومياً أو ما يعادل لترين وذلك للحصول على كمية السوائل اللازمة للجسم وهي كمية كبيرة نسبياً لحجم المعدة الذي لا يتجوز حجم كرة قبضة اليد. 
ولكن الباحثون في مجال الصحة فجروا مفاجأة بأن هذه أسطورة سخيفة وأن ركوب أمواج مثل هذه الكتابات العلمية الواهية كان نتيجة الدفع من قبل أصحاب المصالح النقدية في عالم صناعة السوائل حول العالم لترويج مثل هذه الفكرة.
أنا وأنت قد نكون من غريبي الأطوار حيث أنه من النادر أن نذهب إلى مبرد المياه ونحن نجلس في مكاتبنا المكيفة ومع ذلك من غير المحتمل أن نذبل ونموت تأثرًا بالجفاف، وبالنظر إلى الشاي والقهوة التي نستهلكها فإنها كفيلة بإمدادنا بكمية الماء التي نحتاجها .

ولكن من أين أتت فكرة ثماني أكواب مياه يومية .. ؟

تحديد احتياجات الجسم من المياه فكرة حديثة وجاءت للمرة الأولى من المبادئ التوجيهية الغذائية التي نشرها مجلس الغذاء والتغذية التابع للأكاديمية الوطنية للعلوم بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1945 بأن الاحتياجات اليومية 2.5 لتر بدون الاستناد لأي تجارب سريرية عن هذه النتائج .

ويؤكد عدم دقة هذه المعلومة المقال الذي تم نشره في المجلة الطبية البريطانية عام 2011 بواسطة "مارجريت مكارنتي"والتي فضحت فيه أسطورة الأكواب الثمانية اليومية من الماء وأشارت في تلك الدراسة أن واحدة من الجمعيات الأوربية الكبيرة التي كانت تتبنى فكرة "الماء من أجل الصحة " كانت ليست فقط مدعومة بل ومنشأة من قبل شركة "دانون" العالمية العملاقة والتي يوجد لديها أكثر من خط إنتاج لتعبئة المياه.

وبوضع المصالح الاقتصادية المتشابكة جانباً، فقد أثبتت العديد من الدراسات أن الجسم يظهر مقاومة ومرونة ملحوظة حين تعرضه للعطش، ويوجد مثال مهم للبدو الذين يعيشون في منطقة جنوب الصحراء الكبرى فقد لاحظ عالم الانثروبولوجيا "كلود باك" عام 1976 لأول مرة مقدرة السكان على العيش بالقليل من المياه لعدة أيام بدون تعرضهم لأي أضرار صحية وذلك في واحدة من أكثر المناطق صعوبة في الظروف المناخية على وجه الكرة الأرضية .

هل هناك أدلة على عدم صحة تناول الثماني أكواب من المياه يومياً :

كانت أول توصية مؤثرة من قبل البروفيسور "فريدريك ستير" الرئيس المؤسس لقسم التغذية بجامعة هارفارد العريقة ( الذي توفى عام 2002) وقد أوصى بتناول 6 أكواب من المياه أو 12 أوقية يومياً، ومنذ ذلك الحين بدأ الباحثون معرفة أن مقدار ثمانية أكواب من المياه قد يكون مبالغ فيه (خصوصا بالنظر لطبيعة الوجبات التي نتناولها)، ولكن لازال هناك أنصار الثمانية أكواب ومنهم الدكتور " فريدون باتمانغيليدي " الممارس الطبي في فيرجينيا والذي يدافع مصرحاً أن عدم وجود الماء سبب رئيسي في العديد من الأمراض التي يمكن الوقاية منها، وقد اقترحت الدراسات الحديثة أن تناول الماء الكافي يقطع شوطاً كبيرًا في المحافظة والوقاية ضد مرض الكلى المزمن.

ويصرح الدكتور "ستانلي جولدفارب" أستاذ أمراض الكلى بجامعة ولاية بنسلفانيا الأمريكية أن شرب ثماني أكواب من الماء ما هي إلا أسطورة وليس هناك دليل على الفوائد الصحية لها، وأوضح مستطردًا أن: "البطاطا المخبوزة على سبيل المثال تحتوي على 75% ماء" .

ما هي الحصة اليومية الصحيحة لتناول الماء ؟

أما بالنسبة للمدى الموصى به للشرب فهو في الواقع غير محدد ، للآسف لا توجد قاعدة جامدة وسريعة بحيث تشمل كل العناصر التي نتناولها طوال اليوم وخصوصاً مع الإسراف في الشراب للعديد من المشروبات المختلفة، وفي الحقيقة فنحن نستهلك أكثر من لترين بكثير فوفقاً لدراسة استرالية أجريت عام 1995 وجدت أن النظام الغذائي للبالغين يوفر حوالي 2.8 لتر للإناث ، و3.5 لتر ماء للذكور في اليوم .

وتنصح الدراسة أن تقوم بالشرب فقط عندما تشعر بالعطش وأن تتوقف عند زوال الرغبة لأن الموضوع نسبي عن إذا ما كنت من فئة الكادحين الذين يبذلون مجهود عضلي كبير أو إنك قابع على كرسي مكتبك في العمل. 
وكأغلب الأشياء الأخرى عليك الإنصات إلى جسدك قبل أن تقوم بفعل أي شيء بخصوصه.

تعليقات

المشاركات الشائعة